" حقوق الإنسان " غير واردة في زيارة مايك بومبيو للبحرين

" حقوق الإنسان " غير واردة في زيارة مايك بومبيو للبحرين





عرفت البحرين في الأعوام القليلة الماضية, حملة شرسة وواسعة للقضاء على أي شكل من أشكال النشاط الحقوقي والقضاء على أي قلم حر أو وسيلة يتخذها النشطاء منبرا للتعبير عن آراءهم السياسية والدينية والحقوقية, وعملت الحكومة على الضرب بيد من حديد على المعارضين لسياساتها, وشملت الحملة المنع من السفر وحل جمعيات ومنظمات حقوقية كانت غالبية أنشطتها تعارض الحكومة وإدارتها للبلاد, وحظر للمقالات والنشرات المتعلقة بمجال حقوق الانسان, واعتقالات بالجملة طالت على وجه الخصوص الناشطات الحقوقيات اللائي وقفن في وجه القمع الممنهج ضد الحقوق والحريات العامة والتي يكفلها الدستور والمواثيق الدولية, وكانت الناشطة ابتسام الصائغ من أبرز معتقلات الرأي والتي أخبرت عن تعرضها للتعذيب والتنكيل والاعتداء النفسي والجسدي, واعترافات بتهم غير حقيقية من إرهاب ومساس بأمن الوطن وسلامته, وذلك تحت ممارسات قهرية من تعذيب وترهيب وصعق بالكهرباء  خلال فترات التحقيق, وهو أمر يطال كل النشطاء الحقوقيين المعارضين للسياسات الداخلية والخارجية للمملكة, فبعد انضمامها للتحالف الخليجي ضد اليمن, والحصار المفروض ضد قطر, نهجت المملكة سياسات قمعية داخلية تخص احتجاجات المعارضين للقرارات الحكومية, مع فرض قيود وشروط تحد من حرية التعبير عن الرأي حول المواضيع التي تعتبر تمس بالأمن القومي والوطني, والاعتماد فقط على ما يتم تداوله ونشره داخل الإطار الحكومي وما يتفق مع القرارات الملكية.

إن الانتهاكات المتكررة لحقوق الانسان, والاعتقالات التعسفية التي تطال النشطاء الحقوقيين, وخاصة معتقلات الرأي من النساء, لم تكن القضايا الأهم في أجندة زيارة وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو الأخيرة لمملكة البحرين, والتي تشهد حركة اعتقالات غير مسبوقة في تاريخ المملكة وذلك تحت ذريعة الأمن القومي والوطني, والذي على حسب رأي وزارة الداخلية البحرينية قد يتأثر بفعل التدوينات والمقالات الصحفية لنشطاء حقوقيين عبر منصات التواصل الاجتماعي, مما يجرهم نحو التحقيقات والزج بهم داخل السجون لمدد احتياطية غير محددة وبدون محاكمات عادلة.

وقد اهتمت الزيارة باستكمال الصفقات المتعلقة بالأسلحة والمعدات العسكرية, والتي تستهل عملياتها بعد إسقاط بند شروط حقوق الانسان والذي كان مفروضا على بعض الطائرات المقاتلة في عهد إدارة أوباما, وجاءت مخيبة للآمال لكثير من النشطاء والمنظمات الحقوقية, وهذا ما استنكرته منظمة هيومن رايتش ووتش والتي اعتبرت أن بومبيو لم يعر أي اهتمام لحقوق الانسان داخل المملكة, ولم يطرح أي تساؤلات على الملك وولي عهده حول ما يتم نشره من طرف النشطاء الحقوقيين لتذمرهم من الطريقة القمعية التي تنهجها المملكة في مجال حقوق الرأي والتعبير, وكذا سجينات الرأي والمعتقلات تحت طائلة تهم ملفقة وزائفة, والتطرق لظروف المحاكمات وظروف السجن اللاإنسانية, بحيث أقرت المنظمة الحقوقية الدولية " سكاي لاين " لوجود اعتقالات تعسفية وقسرية, وإرهاب للمعتقلين الحقوقيين وتعذيبهم داخل السجون البحرينية.

لم يكن التجاهل لمواضيع حقوق الانسان وحرية الرأي والتعبير داخل المملكة البحرينية من طرف بومبيو استثناءا, بل يمكن اعتباره نهج جديد لسياسات الولايات الأمريكية المتحدة, والتي لم تعر أي اهتماما في ما يخص الحقوق والحريات العامة داخل الشرق الأوسط ككل, وهو ما انتقدته علياء الهذلول أخت الناشطة الحقوقية المعتقلة لجين الهذلول, حيث اعتبرت زيارة مايك بومبيو كانت مخيبة للآمال في ما يخص تطرقه للمعتقلات السعوديات بتهم تتعلق بالتحريض وإثارة الرأي العام ضد سياسات المملكة, وهذا ما عرض أختها – لجين الهذلول – للإعتقال والتعرض للتعذيب الممنهج والإعتقال الممتد لفترات غير محددة, ومحاكامات غير عادلة قد تصل العقوبة لعشرين سنة سجنا نافدا, وقد تصل للإعدام, وهذا لا يشكل خطرا على أخت علياء وحدها بل يطال أسرتها أيضا من فرض قيود على تحركاتهم داخل المملكة ومنعهم من السفر أو الحديث مع وسائل إعلام أجنبية ومنظمات تهتم بالمجال الحقوقي.

إن الاستراتيجية المطمإنة في الفترات الأخيرة من طرف إدارة دونالد ترامب لسياسات البحرين داخليا وخارجيا, وهذا ما يؤكده مايك بومبيو خلال زيارته الأخيرة, يعطي انطباعا للنشطاء الحقوقيين على أن السلطات البحرينية أخذت نوعا من الضوء الأخضر لمزيد من القمع والاضطهاد ضد النشطاء والناشطات الحقوقيات, وقد تصبح الحقوق والحريات العامة حطبا في جحيم يتم إعداده بدعم أمريكي خالص.



إرسال تعليق

0 تعليقات

Mohon Aktifkan Javascript!Enable JavaScript